فقه:
1- يذكر النبيُّ ﷺ أنَّ ذكرَ اللهِ تعالى حياةُ الأرواح والأماكن؛ فالبيتُ الذي يُذكر اللهُ سبحانه فيه يَنْعَمُ بالطمأنينة والراحة، ويضجُّ بالسعادة والبهجة، وتألفه الملائكةُ، فتتنزل عليه بالسكينة، فهو كالحيِّ الذي يتمتع بروحه ويأنسُ بغيره ويُؤنَسُ به. أما البيتُ الذي لا يُذكر الله تعالى فيه فهو مُوحِشٌ لا روحَ فيه ولا حياة، ينفر منه النَّاس كما ينفرون من الأموات، وتهجره الملائكة.
والذِّكرُ: استحضار عظمة اللهِ تعالى في القلب، وجريان اللسان بالثناء على اللهِ عزَّ وجلَّ، وبمعنًى أعم يدخل فيه جميع الأعمال الصالحة من الصلاة والدعاء والتسبيح وقراءة القرآن ونشر العلم وغير ذلك.
2- وفي الرواية الأخرى جعل ﷺ الذَّاكرَ نفسَه حيًّا والغافلَ مَيْتًا؛ إذ بالذِّكر تحيا الأرواح وتطمئن القلوب
{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}
والذِّكْرُ غذاءُ الأرواح كما أن الطعام والشراب غذاءُ الأبدان، فإن اهتمَّ الإنسانُ بغذاء بدنه وترك غذاءَ قلبه وروحه كان كالبهائمِ التي لا يُرتجى منها نفعٌ، وكالأموات حين تعطَّل قلبُه عن ذكرِ ربِّه
{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ}
اتباع:
1- (1) من أنفع وسائل التعليم والإفهام ضربُ الأمثالِ؛ حيث تُقَرَّب المعاني وتُوَضَّح، وتُصاغُ الفكرة العقلية في صورةٍ حِسِّيَّةٍ يفهمها جميع النَّاس. فيجدر بكل داعيةٍ ومُرَبٍّ أن يستخدم ذلك الأسلوب.
2- (1) لا يشترط في الذكر حضورُ الذِّهن واستحضار معانيه، بل يستطيع المسلم أن يذكر ربَّه في فراغه وشُغله، يُجري ما تيسَّر على لسانِه من الأذكار، وإن كان ذكرُ القلبِ واللسانِ معًا أعلى مراتب الذِّكر وأعظمها أجرًا.
3- (1) لا تجعل بيتَك خَرِبًا مهجورًا تنفر منه الملائكة، عَمِّره بالذِّكر وقراءة القرآن.
4- (1) الذَّاكرُ حيٌّ وبيتُه عامرٌ بالخير والبركة، والغافلُ عن الذِّكرِ ميْتٌ كأنه يسكن قبرًا.
5- (2) الذِّكر حياةُ القلوب، فلا تُمِتْ قلبك بتركه.
6- (2) ما تَلَذَّذَ المتلَذِّذون بِمِثْلِ ذكرِ الله - عزَّ وجلَّ - فليس شيءٌ من الأعمال أخفَّ مؤنةً منه، ولا أعظم لذَّةً ولا أكثرَ فرحةً وابتهاجًا للقلب [1].
7- (2) حافظ على الذكر؛ فإنه يُرضي الرحمن ويطرد الشيطان، ويُزيل الهمَّ ويجلب السعادة، ويستجلب الرزقَ والنضارةَ والمهابةَ، ويستوجبُ محبةَ اللهِ تعالى.
8- (2) ذكرُ الله تعالى أنواعٌ؛ فمنه المطلق الذي يُقال في كلِّ وقتٍ؛ كالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والدعاء وقراءة القرآن، ومنه مُقَيَّدٌ بأسبابٍ؛ كأذكار الصباح والمساء والنوم، ودخول البيت والخروج منه، ودخول الخلاء والخروج منه، ولبس الثوب وخلعه، ودخول المسجد والخروج منه، وغير ذلك.
9- (2) داوِم على الذِّكر؛ فإنَّ الذَّاكر لله ينشرحُ صدرُه وتسعد نفسُه، والمُعرض عن الذكر قاسي القلب جاف الروح
{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
10- قال الشاعر:
عَلَيْكَ بذِكْرِ اللهِ يا طالبَ الأَجْرِ = وَيا راغِبًا في الخَيْرِ والفَضْلِ والبِرِّ
عليكَ بِهِ تُعطى الرغائبَ كلَّها = وتُكفى به كلَّ الْمُهمَّات والضُرِّ
فمَنْ يَذْكُرِ الرحمنَ فهْوَ جَلِيسُهُ = ومَنْ يَذْكُرِ اللهَ يُكافِئْهُ بالذِّكْرِ
ومَنْ يَعْشُ عن ذِكْرِ الإلهِ فإنه = قَرِينٌ له الشَّيْطَانُ في داخِلِ الصَّدْرِ
ومَن يَنْسَ مَوْلاهُ الكَرِيمَ فَرَبُّهُ = له ناسيًا، أَعْظِمْ بذلك من خُسْرِ!
له استحوَذَ الشَّيْطَانُ نسَّاهُ ذِكْرَ مَنْ = تفضَّلَ بالإيجادِ في أوَّلِ الأمرِ
المراجع
- "الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن القيم (ص 81).