133 - حسابُ الحَسَناتِ والسَّيِّئات

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللهِ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا، كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا، كَتَبَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا، كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا، كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً».


فوائد الحديث

الفوائد العلمية


  1. إن الغاية من خلق الإنسان هي أن يوحِّد الله تعالى ويعبده سبحانه؛

    قال تعالى:

    {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}

    [الذاريات: 56]

    وقال تعالى:

    { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}

     [الأنبياء: 25].

  2. دَلَّ الله تعالى الإنسان على طريق الخير وطريق الشرِّ، وتَرك له حرية الاختيار بينهما؛

    قال تعالى:

    {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}

    [البلد: 10]،

    وقال تعالى

    {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا 7  فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا }

    [الشمس: 7-8]؛

    أي: بيَّن لها الخير والشرَّ، وهداها لما قُدِّر لها، ثم أرسل الرُّسل، وأنزل الكتب؛ حتى يستقيم الإنسان على عبادته، فيَحُوز خيرَيِ الدنيا والآخرة.

  3. في الحديث بيانُ مقدارِ تفضُّل الله على عباده، بأن جعل همَّ العبدِ بالحسنة، وإن لم يَعمَلها، حسنةً، وجعل همَّه بالسيِّئةِ، إن لم يَعمَلها، حسنةً، وإن عَمِلها كُتِبت سيِّئةً واحدة، وإن عَمِل الحسنةَ كُتِبت عَشْرًا وربما تضاعفت إلى أكثرَ من سبعمائة ضعف.

  4. لولا هذا التفضُّلُ العظيم من الله تعالى على عباده المؤمنين المذكور في الحديث، لم يَدخُلِ أحدٌ الجنَّة؛ لأن السيِّئاتِ من العباد أكثرُ من الحسنات، والإنسان بطبعه كثيرُ الذنوب والمعاصي؛

    فعَنْ أَنَسِ بْن مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه سلم قَالَ:

    «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ»

    [1]،

    ومهما عظُمت الذنوب، فرحمةُ الله أعظم؛ طالما أن الْمَرْءَ موحِّد لربِّه، لا يُشرك به شيئًا؛

    قال تعالى:

    { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ}

    [النساء: 48].

  5. من كفَّ عن فعل الشَّرِّ، فقد نَسَخ اعتقاده للسيِّئة باعتقادٍ آخَرَ نوى به الخير، وعصى هَواه الْمُريد للشَّرِّ، فذلك عَمَلٌ للقلب من أعمال الخير، فجُوزِيَ على ذلك بحسنة، وهذا كقوله ﷺ:

    «على كلِّ مُسلمٍ صَدَقةٌ». قالوا: فإن لم يَفعَل؟ قال: «يُمسِكُ عن الشرِّ؛ فإنه صَدَقةٌ»

    [2]؛

    فالكفُّ عن الشر والسيئات صدقة[3].

  6. من هَمَّ بسيِّئة، فتَرَكها لوجه الله تعالى، هو المقصود من الحديث، أما من تَرَكها مُكرَهًا على تركها بأن يُحالَ بينه وبينها، فلا تُكتَب له حسنة، ولا يَدخُل في معنى الحديث.

  7. مُضَاعَفَةُ الحسنة بعَشْر أمثالها لازِمٌ لكُلِّ الحسنات، وقد دلَّ عليه قوله تعالى:

    {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ }

    [الأنعام: 160].

  8. دلَّ على زيادة المضاعفة على عشْر أمثال الحسنة لمن شاء اللّه أن يضاعِف له،

    قوله تعالى:

    { مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }

    [البقرة: 261]،

    حيث دلَّت هذه الآية على أنّ النّفقة في سبيل اللّه تُضاعف بسَبعمِائة ضعف، والله يضاعف لمن يشاء.

  9. قال تعالى:

    {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }

    [الأنعام: 160].

    وهو شاهد لما في الحديث من أن السيئة بمثلها، من غير مضاعفة.

  10. في قوله: «كُتبت له سيّئة واحدة» إشارة إلى أنّها غير مضاعفة؛ لكنّ السّيّئة تَعظُم أحيانًا بشرف الزَّمان أو المكان.

  11. قال تعالى:

    { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ۚ }

    [التوبة: 36].

    قال قتادة: اعلموا أنّ الظُّلم في الأشهر الحُرم أعظم خطيئةً ووزرًا فيما سوى ذلك، وإن كان الظُّلم في كلّ حال غيرَ طائل؛ ولكنّ اللّه تعالى يعظِّم من أمره ما يشاء تعالى ربُّنا[4].

  12. قد تُضاعَف السّيّئات بشرَف فاعلها، وقوَّة معرفته باللّه، وقُربه منه؛ فإنّ من عصى السُّلطان على بِساطه أعظم جُرمًا ممّن عصاه على بُعد؛ ولهذا توعَّد اللّه خاصَّة عباده على المعصية بمضاعفة الجزاء، وإن كان قد عَصَمهم منها؛ ليبيِّن لهم فضله عليهم بعصمتهم من ذلك؛

    كما قال تعالى:

    {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا 74 إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ }

    [الإسراء: 74، 75]،

    وَقَالَ تَعَالَى:

    {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرً 30  وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا}

    [الأحزاب: 30 - 31].

  13. قال ﷺ:

    «إذا تحدَّث عبدي بأن يعمل حسنةً، فأنا أكتبها له حسنةً»، والظّاهر أنّ المراد بالتّحدُّث هنا حديث النّفس، وهو الهمُّ، وفي حديث خُرَيمِ بْنِ فَاتَكٍ: «مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا، فَعَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ أَشْعَرَ قَلْبَهُ، وَحَرَصَ عَلَيْهَا، كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً»

    [5]

    وهذا يدلُّ على أنّ المراد بالهمِّ هنا هو العزم المصمِّم الّذي يوجد معه الحرص على العمل، لا مجرَّد الخطرة الّتي تَخطُر، ثمّ تنفسخ من غير عزم ولا تصميم.

  14. جَعَل الله تعالى الهمَّ بالحسنةِ حَسَنةً؛ لأن الهمَّ بالخَير هو فعلُ القلب بعقد النيَّة على ذلك؛ فالهمُّ بالحسنة إنما هو فِعْلُ العبد بقلبه دون سائر الجوارح؛ كذِكْرِ الله بقلبه، فالمعنى الذي به يَصِل الْمَلَكانِ الموكَّلان بالعبدِ إلى عِلْمِ ما يَهُمُّ به بقلبه، هو المعنى الذى به يَصِل إلى علم ذِكْرِ ربِّه بقلبه، ويَجُوز أن يكون جَعَل الله لهما إلى عِلْمِ ذلك سبيلاً؛ كما جَعَل لكثير من أنبيائه السبيلَ إلى كثير من علم الغيب، فغيرُ مستنكَر أن يكون الكاتبانِ الموكَّلان بابن آدمَ، قد جَعَل لهما سبيلاً إلى علم ما في قلوب بنى آدَمَ من خير أو شرٍّ، فيَكتُبانِه إذا حدَّث به نفسَه أو عَزَم عليهل[6].

  15. في الحديث الهمُّ بالسّيّئات من غير عمل لها أنّها تُكتب حسنةً كاملةً،

    وفي حديث أبي هريرة قال:

    «إنّما تركها من جرَّاي»

    [7]

    يعني: من أجلي. وهذا يدلُّ على أنّ المراد من قَدَر على ما همَّ به من المعصية، فتركه للّه تعالى، وهذا لا ريب في أنّه يُكتَب له بذلك حسنة؛ لأنّ تركه المعصيةَ بهذا القصد عمل صالح.

  16. إن همَّ المرء بمعصية، ثمّ ترك عملها خوفًا من المخلوقين، أو مُراءاةً لهم، فقد قيل: إنّه يعاقَب على تركها بهذه النّيّة؛ لأنّ تقديم خوف المخلوقين على خوف اللّه محرَّم، وكذلك قصد الرّياء للمخلوقين محرَّم، فإذا اقترن به ترك المعصية لأجله، عوقب على هذا التّرك[8].

  17. إن سَعى المرء في حصول المعصية بما أَمكَنه، ثمّ حال بينه وبينها القَدَر، فقد ذكر جماعة أنّه يُعاقَب عليها حينئذ؛

    لقول النَّبِيِّ ﷺ:

    «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ»

    [9].[10].

  18. قال ﷺ:

    «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تُكَلِّمْ بِهِ، أَوْ تَعْمَلْ بِهِ»

    [11]

    وفيه دليل على أنّ الهامَّ بالمعصية إذا تكلَّم بما همَّ به بلسانه، فإنّه يُعاقَب على الهمِّ حينئذ؛ لأنّه قد عَمِل بجوارحه معصيةً، وهو التّكلُّم باللّسان.

المراجع

  1. رواه أحمد (13049)، والترمذيُّ (2499)، وابن ماجه (4251)، وحسَّنه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (3139).
  2. رواه البخاريُّ (1445)، ومسلم (1008).
  3. انظر: "شرح صحيح البخاريِّ" لابن بطال (10/ 199، 200).
  4. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 316 - 318).
  5. رواه أحمد (19244)، وحسّنه شعيب الأرنؤوط.
  6. "شرح صحيح البخاريِّ" لابن بطال (10/ 199، 201).
  7. رواه مسلم (129).
  8. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/321، 322).
  9. رواه البخاريُّ (31)، ومسلم (2888).
  10. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/321، 322).
  11. رواه أحمد (9097)، والترمذيُّ (1183)، وقال: حديث حسن صحيح.
الفوائد العقدية

19. إن أفعال الله تعالى تَدُور بين الفضل والعدل، فما كَتَبه الله تعالى وقدَّره في هذه الحياة الدنيا، وكلُّ ما في الدنيا والآخرة، هو دائرٌ بين فضل الله وعَدْلِه؛ فرحمةُ الله تعالى فضلٌ، وتعذيبُه للعاصين عَدْلٌ، وقد أخبر سبحانه أن رحمتَه سَبَقت غضبه، وأن رحمته وَسِعَتْ كلَّ شيء، وأَمَرَنا أن نسأله من فضله وعطائه الجزيل.

الفوائد الحديثية

20. الحديث القُدسيُّ: كلُّ ما رواه النبيُّ ﷺ عن ربِّه عزَّ وجلَّ. لأنه منسوب إلى النبيِّ ﷺ تبليغًا، وليس من القرآن بالإجماع، وإن كان كلُّ واحد منهما قد بلَّغه النبيُّ ﷺ أمَّته عن الله عزَّ وجلَّ[1].

21. اختلف العلماء - رحمهم الله - في لفظ الحديث القدسيِّ: هل هو كلام الله تعالى، أو أن الله تعالى أوحى إلى رسوله ﷺ معناه، واللفظُ لفظ رسول الله ﷺ؟ على قولين؛ الأول: أن الحديث القدسيَّ من عند الله لفظه ومعناه؛ لأن النبيَّ ﷺ أضافه إلى الله تعالى، ومن المعلوم أن الأصل في القول المضاف أن يكون بلفظ قائله لا ناقلِه، لا سيَّما أن النبيَّ ﷺ أقوى الناس أمانةً، وأوثقُهم روايةً. والثاني: أن الحديث القدسيَّ معناه من عند الله، ولفظه لفظ النبيِّ ﷺ[2].

22. لو كان الحديث القدسيُّ من عند الله لفظًا ومعنًى، لكان أعلى سندًا من القرآن؛ لأن النبيَّ ﷺ يرويه عن ربه تعالى بدون واسطة، كما هو ظاهر السياق، أما القرآن، فنزل على النبيِّ ﷺ بواسطة جبريل عليه السلام؛

كما قال تعالى:

{ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ}

[النحل: 102]،

وقال :

﴿نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ ﴿١٩٣﴾ عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ ﴿١٩٤﴾ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ﴿١٩٥﴾}

[الشعراء: 193-195] [3].

23. لو كان لفظ الحديث القدسيِّ من عند الله، لم يكن بينه وبين القرآن فرقٌ؛ لأن كِلَيهما على هذا التقدير كلام الله تعالى، والحكمةُ تقتضي تساويهما في الحكم حين اتَّفَقا في الأصل، ومن المعلوم أن بين القرآن والحديث القدسيِّ فروقًا كثيرة[4].

24. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن الحديث القدسيَّ لا يُتعَّبد بتلاوته؛ بمعنى: أن الإنسان لا يتعبَّد اللهَ تعالى بمجرَّد قراءته؛ فلا يثاب على كلِّ حرف منه عشْرَ حسنات، والقرآن يُتعبَّد بتلاوته بكلِّ حرف منه عشْرُ حسنات[5].

25. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن الله عزَّ وجلَّ تحدَّى أن يأتيَ الناس بمثل القرآن أو سورة منه، ولم يَرِد مثلُ ذلك في الأحاديث القدسيَّة[6].

26. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن القرآن محفوظ من عند الله عزَّ وجلَّ؛

كما قال سبحانه:

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }

[الحجر: 9]،

والأحاديث القدسية بخلاف ذلك؛ ففيها الصحيح والحسن؛ بل أُضيف إليها ما كان ضعيفًا أو موضوعًا، وهذا وإن لم يكن منها؛ لكن نُسِب إليها، وفيها التقديم والتأخير، والزيادةُ والنقص[7].

27. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن القرآن لا تجوز قراءته بالمعنى بإجماع المسلمين، أما الأحاديث القدسية، فعلى الخلاف في جواز نقل الحديث النبويِّ بالمعنى، والأكثرون على جوازه[8].

28. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن القرآن تُشرَع قراءته في الصلاة، ومنه ما لا تصحُّ الصلاة بدون قراءته، بخلاف الأحاديث القدسية[9].

29. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن القرآن لا يمسُّه إلا طاهر على الأصحِّ، بخلاف الأحاديث القدسية[10].

30. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن القرآن لا يقرؤه الجُنُب حتى يغتسل على القول الراجح، بخلاف الأحاديث القدسية[11].

31. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن القرآن ثبت بالتواتُر القطعيِّ المفيد للعلم اليقينيِّ، فلو أَنكَر أحدٌ منه حرفًا أجمع القرَّاء عليه، لكان كافرًا، بخلاف الأحاديث القدسية؛ فإنه لو أَنكَر شيئًا منها مدَّعيًا أنه لم يثبت، لم يكفر، أما لو أنكره مع علمه أن النبيَّ ﷺ قاله، لكان كافرًا؛ لتكذيبه النبيَّ ﷺ[12].

32. إن أحسن ما يقال في الحديث القدسيِّ: إنه ما رواه النبيُّ ﷺ عن ربِّه عزّ وجل، ونقتصر على هذا ولا نبحث هل هو من قول الله لفظًا ومعنى، أو من قول الله معنى ومن لفظ النبيِّ ﷺ؛ لأن هذا فيه نوع من التكلُّف، وقد نُهينا عن التكلُّف، ونُهينا عن التنطُّع وعن التعمُّق[13].

المراجع

  1. "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 236).
  2. "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 236).
  3. "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 236).
  4. "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 236).
  5. "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 236، 237).
  6. "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 237).
  7. "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 237).
  8. "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 237).
  9. "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 237).
  10. "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 237).
  11. "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 237).
  12. "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 237).
  13. "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 243).


مشاريع الأحاديث الكلية