عن حُمْرَانَ، مَوْلَى عُثْمَانَ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأ،َ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمِرْفَقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ،ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا،ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، وزاد مسلم في رواية: «وَكَانَتْ صَلاَتُهُ وَمَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ نَافِلَةً»

هدايات الحديث

1- إن الطهارةَ من أَجَلِّ العبادات، وأعظمِ القُرُبات التي يَتقرَّب بها العبدُ إلى خالقه سبحانه، وعليها تتوقَّف صحَّةُ كثيرٍ من العبادات، والطهارة سبب لمحبَّة اللهِ - عزَّ وجلَّ -

قال تعالى:

( إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّـٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ) 

[البقرة: 222].

2- قال إبراهيم النَّخَعيُّ: "لو بلغني عنهم - يعني الصّحابة - أنّهم لم يجاوزوا بالوضوء ظُفْرًا ما جاوزتُه به، وكفى على قوم وزرًا أن تُخالف أعمالهم أعمال أصحاب نبيِّهم ﷺ[1]

3- عن الْمِنْهَالِ، قال: كنتُ عند أبي العالِيَة، فتوضَّأ وتوضَّأتُ،

فقلتُ:

  ( إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّـٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ)   

[البقرة: 222]،

فقال: إن الطُّهور بالماء لَحَسَنٌ؛ ولكنهم المتطهِّرون من الذنوب[2]

4-

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ:

«أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى المكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى المسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ»[3]

5-

عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى، مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لوقتهن وَأتمَّ ركوعَهنَّ وخُشُوعَهنَّ، كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ»[4]

6-

عن عثمانَ بنِ عفَّانَ رضي الله عنه  قال:

سَمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «ما من امرئٍ مسلمٍ تحضُرُه صلاة مكتوبةٌ، فيُحسن وُضوءَها، وخشوعها، وركوعها، إلا كانت كفَّارةً لِما قبلها من الذنوب ما لم يُؤتِ كبيرة، وذلك الدهرَ كلَّه»[5]

7-

قال ﷺ:

«إن أمتي يُدْعَوْن يومَ القيامة غُرًّا محجَّلين من آثار الوضوء، فمَن استطاع منكم أن يُطيل غُرَّته فلْيَفْعَل»[6]

8- الجنة لا يَدخُلها خبيث، ولا من فيه شيء من الخُبث؛ فمن تطهَّر في الدنيا، ولَقِي الله طاهرًا من نجاساته، دَخَلها بغير معوِّق، ومن لم يتطهَّر في الدنيا، فإن كانت نجاسته عينيةً كالكافر، لم يَدخُلها بحال، وإن كانت نجاستُه كَسْبيةً عارضةً، دَخَلها بعدما يتطهَّر في النار من تلك النجاسة، ثم يَخرُج منها، حتى إن أهل الإيمان إذا جازوا الصراط، حُبِسوا على قنطرة بين الجنَّة والنار، فيُهَذَّبون ويُنَقَّوْنَ من بقايا بَقِيت عليهم، قَصُرت بهم عن الجنَّة، ولم توجب لهم دخولَ النار، حتى إذا هُذِّبوا ونُقُّوا، أُذِن لهم في دخول الجنة[7]

9- إن الله سبحانه بحِكمته جعل الدخولَ عليه موقوفًا على الطهارة، فلا يَدخُل المصلِّي عليه حتى يتطهَّر، وكذلك جعل الدخولَ إلى جنَّته موقوفًا على الطِّيب والطهارة، فلا يَدخُلها إلا طيِّب طاهر؛ فهما طهارتان: طهارةُ البَدَن، وطهارة القَلب؛ ولهذا شُرع للمتوضِّئ أن يقول عَقِيب وضوئه: «أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحّمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ المُتَطَهِّرِينَ». فطهارةُ القلب بالتوبة، وطهارة البدن بالماء، فلمَّا اجتمع له الطُّهران، صَلَح للدخول على الله تعالى، والوقوف بين يديه ومناجاته[8]

10- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "مَن سَرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافظ على هؤلاء الصّلوات حيث يُنادى بهنّ؛ فإنّ الله شَرَع لنبيِّكم r سُنَن الهُدى، وإنّهنّ من سنن الهدى، ولو أنّكم صلَّيتم في بيوتكم كما يصلّي هذا المتخلِّف في بيته، لتركتم سنّة نبيِّكم، ولو تركتم سنَّة نبيّكم لضللتم، وما من رجل يتطهَّر فيُحسن الطُّهور، ثمّ يَعمِد إلى مسجد من هذه المساجد، إلّا كَتَب الله له بكلّ خُطوة يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحطُّ عنه بها سيّئةً، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلّا منافق معلوم النّفاق، ولقد كان الرّجل يؤتى به يُهادى بين الرّجلين حتّى يُقام في الصّفِّ"[9]

11-

عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه  قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلَآنِ - أَوْ تَمْلَأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا»[10]

12- إن الإسلام دين الطهارة والنظافة والجمال، حتى إنه جعل الطهارةَ من أَجَلِّ العبادات، وأعظمِ القُرُبات التي يَتقرَّب بها العبدُ إلى خالقه سبحانه، وعليها تتوقَّف صحَّةُ كثيرٍ من العبادات.

13- أمر الله تعالى بالهيئة الحسنة عند الذهاب للمسجد؛

قال تعالى:

 ( يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ) 

[الأعراف: ٣١].

المراجع

  1.  "إعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (4/ 115).
  2.  "تفسير ابن أبي حاتم" (2/ 403).
  3. رواه مسلم (251).
  4.  رواه أحمد (23080)، وابن ماجه (1401)، وأبو داود (425) وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب (370).
  5.  رواه مسلم (228).
  6.  رواه البخاريُّ (136)، ومسلم (246)، وانظر: "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" للقرطبيِّ (1/ 476).
  7.  "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لابن القيم (1/ 56).
  8.  "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لابن القيم (1/ 56).
  9.  أخرجه مسلم (654).
  10.  رواه مسلم (223).

مشاريع الأحاديث الكلية