عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ ، قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قال: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ».

هدايات الحديث

1. قال ابن عُيَيْنة: سُئل عليٌّ - رضي الله عنه - عن قول الله تعالى: 

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ }

[النحل: 90]

فقال: "العدل: الإنصاف، والإحْسَان: التفضُّل"[1].

2. قرأ الحسن البصريُّ هذه الآية:

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ }

[النحل: 90]

الآية، ثمَّ وقف فقال: إنَّ الله جَمَع لكم الخير كلَّه والشَّر كلَّه في آية واحدة، فوالله ما تَرَك العدلُ والإحْسَان شيئًا مِن طاعة الله عزَّ وجلَّ إلَّا جَمَعه، ولا تَرَك الفحشاءُ والمنكر والبغيُّ مِن معصية الله شيئًا إلَّا جَمَعه"[2].

3. "مِفْتاحُ حصول الرَّحمة الإحْسَانُ في عبادة الخالق، والسَّعيُ في نفع عَبيده"[3].

4. إنَّ الإحسان يُفرِح القلب، ويَشرَح الصَّدر، ويَجلِب النِّعَم، ويَدفَع النِّقم، وتركُه يوجب الضَّيم والضِّيق، ويمنع وصول النِّعم إليه، فالجُبْنُ: تَرْكُ الإحْسَان بالبَدَن، والبخلُ: تركُ الإحْسَان بالمال"[4].

5. إن الإحسان كلمةٌ عظيمةُ الْمَعنى والْمَبنى، كلمةٌ بليغةٌ أَثِيرة، لها أثرٌ عظيم في النفس، وجَرْسٌ يعانق الأذن ويَسرِي إلى القلب.. إنه القمَّة السامقة في كلِّ شيء؛ في الدين والعقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق والأعمال، حتى إنه لا يكافئه شيء إلا الإحسان؛

{هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}

[الرحمن: ٦٠]

6. ومِن منازل إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين: منزلةُ الإحْسَان، وهي لُبُّ الإيمان ورُوحُه وكمالُه، وهذه المنزلة تجمع جميع المنازل، فجميعُها مُنْطَوِية فيها[5].

7. قال رجلٌ لأحد السلاطين: "أحقُّ النَّاس بالإحسان مَن أحسنَ الله إليه، وأَوْلاهم بالإنصاف مَن بُسِطت القدرة بين يديه؛ فاسْتَدِم ما أُوتيتَ مِن النِّعم بتأدية ما عليك مِن الحقِّ"[6].

8. أَحْسِنْ إلى النَّاسِ تَسْتَعبِدْ قُلوبَهمُ = فَطَالَمَا اسْتَعْبَدَ الإنسانَ إِحسانُ

مَنْ جَادَ بالْمَالِ مَالَ النَّاسُ قاطبةً = إليه والمالُ للإنسانِ فتَّانُ

أَحْسِنْ إذا كان إمكانٌ ومَقْدِرَةٌ = فَلَنْ يَدُومَ على الإنسانِ إِمْكَانُ

9. إِنْ كُنْتَ تَطْلُبُ رُتْبَةَ الأشرافِ = فَعَلَيْكَ بالإحسانِ والإنصافِ

وإذا اعتدى خِلٌّ عليكَ فخَلِّهِ = وَالدَّهْرَ فَهْوَ لَهُ مُكَافٍ كَافِ

10. وَلِلتَّرْكِ للإحسانِ خَيْرٌ لِمُحْسِنٍ = إذا جَعَل الإحْسَانَ غيرَ ربيبِ

11. مَنْ يَغْرِسِ الإحْسَانَ يَجْنِ مَحَبَّةً = دُونَ الْمُسِيءِ الْمُبْعَدِ الْمَصْرُومِ

أَقِلِ العِثَارَ تُـقَلْ ولا تَحْسِدْ ولا = تحقِدْ فليسَ المرءُ بالمعصومِ

12. لا تَحْقِرَنَّ مِن الإحسانِ مَحْقِرةً = أحْسِنْ فعاقبةُ الإحسانِ حُسناه

13. واللهِ ما حُلِيَ الإمامُ بحِلْيَةٍ = أبهى مِن الإحْسَانِ والإنصافِ

فلَسُوفَ يلقَى في القيامةِ فِعْلَه = ما كان مِن كَدَرٍ أتاه وصافي

14. لا تَمْشِ في النَّاسِ إلَّا رحمةً لهمُ = ولا تُعامِلْهمُ إلَّا بإنصافِ

واقطعْ قُوَى كلِّ حِقْدٍ أنت مُضْمِرُه = إن زلَّ ذو زَلَّةٍ أو إن هفا هَافِ

وارغَبْ بنفسِكَ عمَّا لا صَلاحَ لَهُ = وأَوْسِعِ النَّاسَ مِن بِرٍّ وإلطافِ

وإن يكنْ أحدٌ أَوْلاكَ صالحةً = فَكَافِهِ فَوْقَ ما أَوْلَى بأَضْعَافِ

ولا تُكشِّفْ مُسيئًا عن إساءتِه = وَصِلْ حِبَالَ أَخِيكَ القاطعِ الجَافي

المراجع

  1. "حلية الأولياء" لأبي نعيم (7/291).
  2.  "حلية الأولياء" لأبي نعيم (2/158).
  3. "حادي الأرواح" لابن القيم (ص 66).
  4. "طريق الهجرتين" لابن القيم (ص 460).
  5. "مدارج السَّالكين" لابن القيِّم (3/319).
  6. "عيون الأخبار" لابن قُتيبة (3/20).


مشاريع الأحاديث الكلية